المحفلي، محمد، ورووت، جيمس. (2020). كيف ألهمت أو لم تلهم الثورة الإسلامية الإيرانية حكم الحوثيين في شمال اليمن. مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية
فرضت جماعة أنصار الله (الحوثيون)، الجماعة المسلحة التي تتخذ من شمال اليمن مركزاً رئيسيا لها، إرادتها بتغيير الحكومة اليمنية المشكلة بموجب المبادرة الخليجية، وذلك بعد سيطرتها على العاصمة صنعاء أواخر العام 2014، ثم وضعت الرئيس هادي والحكومة المشكلة بموجب اتفاق السلم والشراكة الموقع في 21 سبتمبر 2014، تحت الإقامة الجبرية أواخر يناير 2015. ومن حينه، أصبحت الجماعة تعدل البنية السياسية للجمهورية اليمنية لتناسب مصالحها وتخدمها. ينتمي الحوثيون إلى الطائفة الشيعية الزيدية ما دفع بالعديد من الباحثين إلى تحليل أوجه الشبه بين سلوكهم من جهة وسلوك النظام الإيراني بعد إقامة الجمهورية الاسلامية في إيران بالثورة على النظام الملكي عام 1979 من جهة أخرى. يدعي بعض خصوم الحوثيين أنهم تحولوا إلى المذهب الإثنى عشري، وأنهم يسعون إلى إعادة تشكيل النظام على صورة النظام الإيراني وفرض أيديولوجية مماثلة، وتحويل جماعتهم إلى نسخة يمنية عن حزب الله اللبناني. لا تثبت الأدلة المتوفرة هذه الاتهامات بشكل ملموس، ولكنها تشير إلى علاقة معقدة بين الحوثيين وطهران. نستطيع فهم هذه العلاقة وتعقيداتها المحلية والإقليمية والدولية، عبر تحليل الأسس الأيديولوجية واللاهوتية لكل منهما وهياكل السلطة التي تحكم صنعاء وأجزاء كبيرة من شمال اليمن. تشير القراءة الأولية لجماعة الحوثيين إلى أنها قد استوحت – إلى حدٍ ما – خطابه وصورها وشعاراتها ورموزها المتعلقة بالمقاومة والثورة من الجمهورية الإسلامية الإيرانية. ستناقش الورقة تأثر الحوثيين بإيران، كما ستطرق إلى أيديولوجية الثورة – التي ترتكز على المفاهيم الشيعية ووضع النظام الإقليمي – وتشرح كيف أسست هذه الأيديولوجية للروابط بين الحوثيين وإيران، ولكنها لن تناقش الموضوع الجدلي المتعلق بمدى تورط إيران المباشر في الحرب اليمنية. تقول تقارير دولية أن إيران متورطة بإمداد الحوثيين بالمال والوقود والسلاح بطريقة غير شرعية، وتصف الكثير من الجهات الفاعلة السياسية والشخصيات الإعلامية النزاع اليمني المستمر منذ خمس سنوات، بالحرب بالوكالة بين السعودية وإيران، ولكن غالباً ما تتغاضى هذه المقاربة عن وسائل الدعم الأخرى التي يتلقاها الحوثيون في اليمن. فعلى الصعيد المالي مثلاً، أشار فريق الخبراء البارزين الدوليين والإقليميين بشأن اليمن إلى أن الإيرادات المالية التي يتحصل عليها الحوثيون سنوياً في المناطق الخاضعة لسيطرتهم لا تقل عن 407 مليار ريال يمني (أي ما يعادل 1.62 مليار دولار أمريكي بحسب سعر الصرف الثابت للعملة عام 2017 حين أجري البحث). وبحسب التقرير، تأتي هذه الإيرادات من الضرائب والجمارك والاتصالات وعبر ابتزاز التجار وبيع الوقود في السوق السوداء. ولن يتطرق مؤلفا هذه الورقة إلى الشق المتعلق بالقيادة والسيطرة الإيرانية المباشرة المحتملة على الحوثيين بالرغم من أهميته.