تنطلق هذه القراءة معتمدة على فكرة النسق الثقافي، الذي يعد بدوره أهم آلية من آليات النقد الثقافي؛ وهو ما يعني أن القراءة تأخذ منهجيًا أداة من أدوات النقد الثقافي، والانطلاق عبر مدخل منهجي إلى البحث في واحدة من أهم المدونات في التراث العربي والإنساني، وهو كتاب كليلة ودمنة، والدخول معه في قراءة تتجاوز حد البحث عن العناصر الجمالية والفنية، للبحث عن الأنساق الثقافية المتجذرة فيه. وقد بينت القراءة وجود تلك الأنساق على نوعين، الأول: أنساق ثقافية ظاهرة، بمعنى أن وجودها داخل المتن وجود متجل؛ وهو ما يسهل تصنيفها والسيطرة عليها، سواء كان ذلك من قبل المؤلف، أو من قبل القارئ. وقد تعددت هذه الأنساق التي منها نسق السلطة والمراوغة، وتجسيد خطورة النسق السلطوي، وكذلك تصوير صراع الأنساق للاقتراب من السلطة. والنوع الآخر: يتضمن الأنساق الثقافية المضمرة، التي استطاعت لقوة نسقيتها أن تواصل تخفيها تحت الغطاء الفني والجمالي، وقد تم توضيح ثلاثة أنساق، تتحدد تحت: نسق الترميز، النسق الديني، والنسق الاجتماعي.
المحفلي، محمد. (2016). الأنساق الثقافية في كتاب كليلة ودمنة، مجلة سمات، جامعة البحرين، 4(1)، ص: 16- 36