استطاع الشاعر العماني هلال الحجري أن يبني نَصَّه، على وفق رؤية، تلامس سطح العالم الشعري، و تغوص في أعماقه، ببناء يتكامل على نحو لافت، إذ يمكن للدوال في كثير من النصوص أن تتظافر مساعدةً على بناء الدلالات، فتظهر على شكل فسيفساء يمكن تجميعها؛ لتشكل في النهاية بناءه الشعري الكامل. ويمكن للمتعمق في تجربة هلال الحجري الشعرية أن يدرك هذا الترابط، وقوة ذلك البناء وكشف جمالياته، وتحاول هذه المقاربة الغوص في تلك التجربة متخذة من التأويل منهجاً يسبر أغوارها، ولكنها ستركز على تأويل الشعر بالشعر، وتفسيره ببعضه، وتبيان كيفية تلك الحركة داخل النصوص التي لا تبدو أنها متكاملة فقط، بل إن كل نص يساعد على اكتشاف النص الآخر؛ وهذا ما يجعل من التأويل هنا جزءاً من الحركة الأصيلة للنص وفاعليته. وقد اتخذت هذه المقاربة من المجموعة الشعرية الأخيرة للمبدع: (كطائر جبلي يرقب انهيار العالم) حقلاً للاشتغال، إذ يمكن القول: إن هذه المجموعة تمثل النضج الفني لتجربته الشعرية الجديدة وبوصفها جزءاً من الحركة الشعرية المعاصرة في عُمان. وتتشكَّل القراءة من قسمين، ينظر القسم الأول في أهم الآليات المنهجية التي سترتكز عليها المقاربة لا سيما التأويلية، ومن ثم التركيز بصورة أساسية على الشعر بوصفه مفتاحاً لتأويل ذاته، وكيف يمكن الانطلاق لتأويله من داخله، دون أن نقحم عليه ما لا يمكن أن يستوعبه. أما القسم الآخر فسيتضمن القراءة التطبيقية، وستركز على المجموعة الشعرية: كطائر جبلي يرقب انهيار العالم، ومحاولة استكشاف ملامح هذه التجربة من جهة وكيفية اشتغال آليات الشعر التأويلية من داخله من جهة أخرى.
المحفلي، محمد. (2017). تفسير الشعر بالشعر، قراءة تأويلية في ديوان كطائر جبلي يرقب انهيار العالم لهلال الحجري. مجلة فكر العربية، المغرب، 3، ص: 193- 204