تداعيات الوطن الأخير

آتي إلـيّ ولـكن كيف أعرِفُني؟
وكـيف أرسم أبوابي وأدْخُلُني؟
ما عدت أعرف من بعض الحروف سوى
صوت العصافير فـــــي خطوي تحاصرني
أجيءُ نحوي وليداً كــي أرى جهتي
أمرُّ مـن قــبلتي، حتى أُلامِسُني
وحين أثوي على أرضي يصير دمي
زنزانتي، فـي ظـما نبضي يقيدني
بيني وبيني صِراطٌ مـن مُدى وعلى
شوك المُدى، شـوقي المُدمى يلاحقني
              * * *
شبَّهتُني والهوى يبني على لغتي
فعشتُ في حـلمه الآتي أُشبِّهني
بنيتُ منِّي تراب الماء حيث أنا
ماء الهوى في دمي يبتلُّ من شجني
أحببتُني والنوى يقتات جمـجمتي
وصرتُ من دون مـا أدري أُواعدُني
في عالم صــار للأسماء ثورتُها
فأصنع الاسم فـي خطوي وأَعْشقُني
أهديتُني صبوةً حتى ارتعاش غــــدي
وكنتُ فــي ملتقى الآهات أرقُبُني
عــلى ظلال المرافي تلتقي سحبي
فــي صمتها تلتقي حيناً وتمطرني
عاصرتُني حقبة مـن دمعة وعلى
عمري الذي ذقته حاولت أعصــرُني
ضاحكت قــلبي وكانت فيه فلسفة
وعاد مـن ضحكة الآهات يسألني
وجدتُني أبتني مـــنه انتظار غدي
فجــاء تاريخي المجنون يسرقُني
              * * *
هذا أنا فـــي طريقي أقتفي ثقتي
وأمسح الضوء عـــــــن فجري وعن مدني
هذا أنا قاتلي فـي كفي امرأة
أهوي بها زمناً نــحوي وأطعنُني
تركتُني ذابلاً مني وفـوق يدي
سنابلٌ أسكرتْ مـن شوقها سفني
تركتُني أحتوي أصداء شرنقتي
حتى أعود لــها ضوءاً تشرنقني
أسستُ لــــي وطناً مــني فعدتُ له
أبني بـــه وطــــناً حـــيناً وأطردني
حتى أصير معي عنـــوان تذكرتي
الآن يا وطـــــني هذا أنا وطني
شعب الهموم علـــى بستان أوردتي
يستل من حلمي حـــزناً ويسكُنني
لكنني رحـــلت حــكمي ومـــحكمتي
لا شيء يا وجعي بعدي سيحـــكمني
قررت يا ألمــــي أن أبتنـــي بلداً
فــــي أذن مقبرة مـــنِّي وأدفنُني
 
 

                                                      القاهرة / 26-3-2014م

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *