أستعير هذا العنوان بشكله الحرفي من قصيدة أغنية من خشب للشاعر عبد الله البردوني، لأصل إلى فكرة في مضمونها الرد على أولئك الذين يريدون من الناس أن تصدق أن نظام علي عبد الله صالح انتهى، مقارنين بين ما يبدو لهم زمنا ذهبيا، وما جاء بعد بعده، وفي الحقيقة أن نظام علي عبد الله صالح لم ينته، ومازال يعيش ولكن بعد انتهت كل ما فيه من جوانب إيجابية وبقي الوجه العابس منه فقط. نظره واحدة على طبيعة الحكومة الحالية، على الأقل في واجهتها الشرعية، فلا غرابة أن نجد في أعلى السلطة واحدا من أقوى رجالات صالح، ولم يكن فقط مشاركا في الحكم بل جزءا أيضا من شبكة مصالح الفساد والنافذين الذين كانوا يتقاسمون ميزانية البلد الصغيرة بينهم. وحوله العديد من تلك الشخصيات التي ارتبطت بحكم صالح منذ أواخر سبعينات القرن الماضي حتى الآن.في العام 2012 وحين أراد صالح أن ينقل السلطة، قال إنه لن يسلمها إلا إلى أيد أمينة بحسب تعبيره، سلم السلطة إلى عبدربه منصور هادي، الذي عمل تحت أمرته منذ أكثر عشرين عاما، وهو يعلم تماما من هو عبدربه منصور هادي، وماهي قدراته، وماهي مدى الأمانة التي يحملها، في أقل تقدير لو لم يكن علي عبد الله صالح ينوي من خلال هذا التسليم الشكلي الحصول على السلطة بعد ذلك، فهو مسؤول مسؤولية مباشرة عن الحرص على تسليم السلطة إلى شخص أقل ما يقال عنه إنه عاجز ولا يملك أي صفة قيادية. ناهيك عن أنه جزء أصيل من نظامه خلال آخر عشرين سنة. أما بقية الشخصيات، مثل علي محسن الأحمر وحزب الإصلاح، فأغلبهم إن لم يكونوا كلهم اشتركوا معه في الحكم، وتشاركوا السلطة وجزءا من الثروة، بل واشتركوا معه في إفساد الحكم وإفساد المعارضة وإنشاء مؤسسات شكلية خلال سنوات حكمه كلها، وكان أغلبهم مشتركين معه في كل صراعاته السابقة، ولم ينفصلوا بشكل كلي عنه إلا في العام 2011.بموجب المبادرة الخليجية، تم تقاسم السلطة بين جهتين الجهة الأولى المؤتمر الشعبي العام بقيادة علي صالح، والجهة الثانية هي تحالفات المعارضة، وخلال السنوات من 2012 وحتى 2014 نشأت حكومة مشتركة بالمناصفة، في حين ظلت كثير من المؤسسات تدار من قبل شخصيات على ارتباط وثيق بنظام علي صالح، وهو ما يعني أنه لم يسلم السلطة إذا وإنما سلم نصفها ظاهريا، في حين ظل مسيطرا على أغلب مفاصلها عمليافي أواخر العام 2014 أراد علي صالح أن يرقص على رؤوس الثعابين رقصته الأخيرة، فجاء بأعدائه السابقين وتحالف معهم على نقض المناصفة التي لم تبد جيدة بالنسبة له، ومن حينها نشأت حكومة جديد مناصفة بينه وبين الحوثيين، وهو الأمر الذي أدى بعد ذلك إلى نشوء الحرب الشاملة بعد أن واصلت القوات التي يقودها ملاحقة عبدربه الذي سلمه السلطة قبل عامين إلى عدن، حكم إذا مع الحوثيين حتى مقتله بعد ذلك على أيديهم.الآن ومنذ العام 2018 وهو العام الذي قضى فيه على يد حلفائه الأعداء، مازالت الحرب طاحنة وتطحن اليمنيين معها، بين عناصره وأجزاء نظامه من جهة وبين حلفائه الجدد الحوثيين من جهة ثانية، وكل هذا الخراب الذي نعيشه الآن ما هو إلا نتيجة تلك السياسات الخاطئة الذي اعتمدت على نظرية الرقص على رؤوس الثعابين بدلا من إنشاء مؤسسات قوية ومستقلة تستطيع تصحيح مسار البلاد في الأوقات الصعبة. كل هذا هو نتيجة مباشرة لتلك التحالفات الظاهرة والباطنة، والتسبب في الحرب الطاحنة، فهو وإن مات كشخص فإنه لم يمت ومازال فاعلا من خلال نتائج سنين حكمه، سواء في تلك الشخصيات التي تركها أو في حالة الفشل العام الذي بناه وبشكل متعمد ليظل هو الشخص الوحيد القادر على اللعب بخيوط اليمن. مات مروض الثعابين، ومن حينها بدلا من الرقص على رؤوسها أصبحت الثعابين ترقص على أجسادنا.